كانون الأول/ ديسمبر 2024
منح مجلس النواب الثقة لحكومة رئيس الوزراء الدكتور جعفر حسّان بعد أن صوّت 82 نائباً بالثقة مقابل 53 نائبا حجبوها عنها، وامتناع نائبان عن التصويت، وبذلك حصلت الحكومة على ثقة 60٪ من النواب لتكون أدنى نسبة ثقة بين الحكومات مقارنة بنظيراتها، إلا أن التشتت وضعف الانسجام لدى الكتل الحزبية في سلوكها التصويتي أثار العديد من التساؤلات والانتقادات في آن معاً، خصوصاً أن الانتقال بالعمل النيابي من الطابع الفردي إلى الطابع الجماعي المنظم شكل أحد أهم أهداف التحديث السياسي.
تناقض نواب الأحزاب والكتل الحزبية في سلوكهم التصويتي لم ينحصر على النواب الحزبيين من الدوائر المحلية فحسب، بل امتد ليشمل نوابًا من الدائرة العامة لذات الحزب ونفس الكتلة الحزبية النيابية، وهو ما يعكس غياب الانسجام المطلوب لتحقيق العمل الجماعي، فضلاً عن أن نواباً جاؤوا من أحزاب حظيت بعضوية الحكومة عمدوا إلى التصويت بحجب الثقة عنها علماً أن بعضهم من قائمة الحزب العامة.
يلخص التقرير التالي؛ والذي يأتي من ضمن سلسلة تقارير رصد الحراك السياسي والحزبي في البلاد، السلوك النيابي الحزبي في منح الثقة لحكومة الدكتور جعفر حسان.
أولا: أنواع النواب في المجلس النيابي العشرون
تجاوزت نسبة النواب الحزبيين 75% من إجمالي أعضاء المجلس النيابي العشرين؛ حيثُ بلغ عددهم 104 من أصل 138 نائباً، وقد توزع هؤلاء النواب بين عدة تصنيفات؛ حيثُ جاء 41 نائباً من الدائرة العامة و63 نائباً من القوائم المحلية، وضمن هذه الفئة، انتخب 18 نائباً من قوائم احزابهم المحلية؛ لذلك لابد قبل الشروع بأي عملية تحليل منهجي من ضبط تصنيفات النواب والتي يمكن تقسيمها على النحو التالي:
- نواب الدائرة العامة: وهم النواب الذين فازوا بمقاعدهم عبر القائمة الحزبية العامة، حيث يكفل قانون الانتخاب وصاية الحزب عليهم، باعتبارهم جزءًا من قائمة نسبية مغلقة.
- نواب قوائم الحزب في الدوائر المحلية: وهم النواب الذين ترشحوا ضمن قوائم الحزب في الدوائر المحلية. ورغم أن القانون لم يحدد طبيعة علاقتهم بأحزابهم، إلا أنهم خاضوا الانتخابات باسم الحزب وعلى قائمته المحلية، وهو ما يعزز الافتراض أنهم أكثر ارتباطا بأحزابهم نظرياً.
- النواب الحزبيون المحليون: وهم النواب الذين شاركوا في الانتخابات ضمن قوائم محلية غير حزبية وتمكنوا من الفوز استناداً إلى سمعتهم الشخصية، بمعزل عن انتمائهم لحزب معين.
- النواب المستقلون: وهم نواب الدوائر المحلية الذين لا ينتمون لأي حزب سياسي ولم يخوضوا الانتخابات بقوائم حزبية محلية.
ثانياً؛ تشكيلة حكومة جعفر حسان الحزبية
تتضمن حكومة الدكتور جعفر حسان خمس شخصيات قيادية من كل من الأحزاب (الميثاق، تقدم، ارادة)، شغل بعضهم مناصب قيادية قبل انضمامهم إلى الحكومة، بما في ذلك امينان عامان سابقان قدموا استقالاتهم من منصب الأمانة العامة لأحزابهم لاحقًا.
يشغل من حزب الميثاق، الدكتور محمد المومني، الأمين العام السابق، منصب وزير الاتصال الحكومي، والسيد يزن الشديفات وزيراً للشباب. ومن حزب إرادة؛ يشغل الدكتور خير أبو صعيليك منصب وزير النقل، بينما يشغل من الدكتور خالد البكار الأمين العام السابق لحزب تقدم منصب وزيراً للعمل، والمهندس يعرب القضاة وزيراً الصناعة والتجارة.
مع ذلك، لم تحصل الحكومة على ثقة جميع نواب تلك الأحزاب. فقد بلغت نسبة الثقة في الحكومة من نواب كل حزب على النحو التالي: 83% من نواب حزب الميثاق، 79% من نواب حزب إرادة، و62.5% من نواب حزب تقدم.
ثالثاً: قراءة في السلوك التصويتي الحزبي النيابي
يتوزع النواب الحزبيون الـ 104 على ثلاثة عشر حزب وهي: جبهة العمل الإسلامي، الميثاق الوطني، إرادة، تقدم، الوطني الإسلامي، الاتحاد الوطني، الأرض المباركة، العمال، نماء، المدني الديمقراطي، العمل، عزم، الشباب، وقد انضووا لاحقاً في ست كتل نيابية وهي: كتلة جبهة العمل الإسلامي، كتلة إرادة والوطني الإسلامي، كتلة ائتلاف اتحاد الأحزاب الوسطية، كتلة الميثاق، كتلة تقدم، كتلة عزم.
أعلنت أربعة أحزاب موقفها مسبقاً، بحجب الثقة عن الحكومة أو حجبها، وهي: جبهة العمل الإسلامي، الوطني الإسلامي، إرادة، العمال. أما حزب إرادة فقد أعلن قراره منح الثقة، وأبقت الأحزاب الأخرى موقفها بلا إعلان مسبق.
يبين الجدول رقم 1 التالي نسب الثقة لكل حزب سياسي
جدول رقم 1 | |||||
إسم الحزب | عدد النواب | قرار الحزب | منح الثقة |
حجب الثقة |
امتناع |
حزب جبهة العمل الإسلامي | 31 | حجب الثقة | 0 | 31 | |
حزب الميثاق | 30 | غير معلن | 25 | 4 | 1 |
حزب إرادة | 19 | منح الثقة | 15 | 4 | |
حزب تقدم | 8 | غير معلن | 5 | 3 | |
الحزب الوطني الإسلامي | 7 | حجب الثقة | 2 | 5 | |
حزب عزم | 5 | غير معلن | 4 | 0 | 1 |
حزب الاتحاد الوطني | 5 | غير معلن | 5 | 0 | |
حزب الأرض المباركة | 2 | غير معلن | 2 | 0 | |
حزب العمال | 2 | حجب الثقة | 0 | 2 | |
حزب نماء | 1 | غير معلن | 1 | 0 | |
حزب العمل | 1 | غير معلن | 0 | 1 | |
الحزب المدني الديمقراطي | 1 | غير معلن | 1 | 0 | |
حزب الشباب الأردني | 1 | غير معلن | 1 | 0 |
حالة واحدة لتضارب نواب الدائرة العامة
يُلاحظ تضارب في السلوك التصويتي بين نواب من دائرة العامة لحزب “تقدم” الذي حصل على مقعدين في الدائرة العامة، حيث صوّت النائب بكر الحيصة بحجب الثقة، بينما منحتها النائبة رند الخزور.
تباينت مواقف حزبي نماء والعمل بشأن منح الثقة للحكومة، إذ على الرغم من خوضهما الانتخابات بتحالف مشترك تحت اسم “نماء والعمل”. فقد صوت حزب نماء لصالح منح الثقة، بينما قرر حزب العمل حجبها.
تباين مواقف نواب القوائم الحزبية المحلية في التصويت على الثقة
يبلغ عدد نواب القوائم الحزبية المحلية 18 نائبًا، منهم 14 نائبًا من قوائم حزب جبهة العمل الإسلامي، بينما توزّع الأربعة الآخرون على أحزاب (الاتحاد الوطني، عزم، والوطني الإسلامين، تقدم).
وقد صوت جميع نواب حزب جبهة العمل الإسلامي بحجب الثقة. في المقابل، منح النائب محمد الغويري، عن قائمة الحزب الوطني الإسلامي في دائرة الزرقاء الثقة خلافًا لموقف حزبه الذي قرر حجبها. كما امتنع النائب وليد المصري، عن قائمة حزب عزم في دائرة الزرقاء، عن التصويت على خلاف نواب حزبه الذين منحوا الثقة. كما حجب رائد رباع رئيس كتلة تقدم الثقة خلافاً لبقية أعضاء حزبه، أما النائب محمد المراعية فقد منح الثقة اسوة بباقي أعضاء حزب الاتحاد الوطني.
تضارب في مواقف النواب الحزبيين المحليين
يتزايد ذلك التباين بين النواب الحزبيين المحليين والبالغ عددهم 46 نائباً، حيث يظهر تضارب واضح في سلوكهم التصويتي، سواء مع مواقف أحزابهم أو مع توجهات كتلهم النيابية الحزبية، مما يعكس غياب التنسيق الكامل أو التزامهم التام بالخط الحزبي في التصويت على القضايا المهمة.
يبين الجدول رقم 2 السلوك التصويتي للنواب الحزبيين المحليين:
جدول رقم 2 | |||||
إسم الحزب | عدد النواب المحليين |
قرار الحزب | منح الثقة |
حجب الثقة |
امتناع |
حزب الميثاق | 18 | غير معلن | 15 | 3 | |
حزب إرادة | 16 | منح الثقة | 12 | 4 | |
حزب تقدم | 5 | غير معلن | 3 | 2 | |
الحزب الوطني الإسلامي | 3 | حجب الثقة | 1 | 2 | |
حزب عزم | 2 | غير معلن | 2 | 0 | |
حزب الاتحاد الوطني | 1 | غير معلن | 1 | 0 | |
الحزب المدني الديمقراطي | 1 | غير معلن | 1 | ||
حزب الشباب الأردني | 1 | غير معلن | 1 |
تضارب في مواقف الكتل النيابية حول منح الثقة
بينما صوت جميع أعضاء كتلة حزب جبهة العمل الإسلامي على حجب الثقة، شهدت الكتل النيابية الاخرى تباينا في مواقف مكوناتها تجاه منح الثقة للحكومة؛ إذ تباينت مواقف أعضاء كتلة إرادة والوطني الإسلامي، سواء على مستوى المكونين الأساسيين للكتلة أو على مستوى الأعضاء الفرادى، حيث قرر حزب إرادة منح الثقة بينما حجبها الحزب الوطني الإسلامي، كما حجب بعض أعضاء حزب إرادة الثقة ومنحها أعضاء من الحزب الوطني الإسلامي.
تكرر هذا التباين في كتلة اتحاد الأحزاب الوسطية، التي تضم سبعة أحزاب (العمال، نماء، العمل، الاتحاد، المدني الديمقراطي، الأرض المباركة، الشباب)، حيث حجب الثقة كل من حزبي (العمال والعمل). أما الكتل الأخرى (الميثاق، تقدم، وعزم)، فقد تمت الإشارة مسبقًا إلى تباين مواقف أعضائها.
الخلاصة
انسجم كافة أعضاء حزب جبهة العمل الإسلامي وحزب الإتحاد الوطني سواء نواب الدائرة العامة أو الدوائر المحلية في موقفهم اتجاه منح الثقة للحكومة أو حجبها، حيثُ صوت على منحها كافة حزب الاتحاد الوطني بينما حجبها كافة نواب حزب جبهة العمل الإسلامي.