أصدر الحزب الديمقراطي الاجتماعي الأردني ورقة موقف بعنوان “الحد الأدنى للأجور”، لتعزيز العدالة الاجتماعية ومعالجة قضايا العمال، باعتبارهم محوراً أساسياً للتوازن الاجتماعي والإنتاج الوطني.
تأتي الورقة عقب سلسلة من الجلسات النقاشية المتخصصة التي نظمها الحزب، بمشاركة أكاديميين وخبراء اقتصاد وممثلين عن القطاع الصناعي واتحاد النقابات العمالية، حيث ناقشوا العوامل المؤثرة على الحد الأدنى للأجور وتداعياتها على مختلف القطاعات.
يؤكد الحزب في ورقته أهمية تحسين ظروف العمال المعيشية ودورها في تحقيق التنمية المستدامة وضمان استقرار الاقتصاد الوطني.
الخلاصة التنفيذية :
يمثل رفع الحد الأدنى للأجور خطوة أساسية لتحسين الظروف المعيشية للعمال وتعزيز العدالة الاجتماعية؛ حيث يُسهم في زيادة القوة الشرائية للفئات من ذوي الدخل المنخفض، مما يدعم الطلب المحلي ويحفز النشاط الاقتصادي. في الأردن، ورغم الزيادات السابقة التي رفعت الحد الأدنى للأجور إلى 260 ديناراً في عام 2021 إلا أن التضخم التراكمي أدى إلى تآكل قوته الشرائية، حيث بات يعادل بالقيمة الحقيقية حوالي 153 ديناراً فقط. الأمر الذي يحتم الحاجة إلى مراجعة الحد الأدنى للأجور بما يتماشى مع التغيرات الاقتصادية وتكاليف المعيشة لضمان تحقيق الأهداف المرجوة.
حسب تقديرات الدراسة تعتبر التكلفة الإجمالية للقرار محدودة؛ إذ تتراوح ما بين 11 مليون دينار في سيناريو رفع إلى 281 إلى 26 مليون دينار في حال الرفع إلى 340 دينارا،ويترتب على هذه الزيادة ارتفاع في التكاليف الكلية بنسب من 0.6% إلى 2.4% في السيناريو الأعلى، وبالتالي فإن التكلفة الاقتصادية الكلية محدودة، ومن خلال البيانات التاريخية تظهر البيانات اتساع الفجوة ما بين متوسط الأجور في القطاع الخاص والحد الأدنى للأجور أن الارتفاعات في الماضي لم تظهر صدمات اقتصادية كبيرة في تأثيرها على معدلات البطالة وأسعار المنتجين الصناعيين.
إن أبرز الآثار الإيجابية لرفع الحد الأدنى للأجور هو تعزيز الاستهلاك المحلي من خلال تمكين العمال ذوي الأجور المنخفضة من تلبية احتياجاتهم الأساسية. كما يُساعد القرار في تقليص الفجوة بين الطبقات الاجتماعية، مما يدعم العدالة الاقتصادية ويعزز الاستقرار المجتمعي. بالإضافة إلى ذلك، فإن رفع الحد الأدنى للأجور يؤدي بالضرورة، إلى تحسين وزيادة رضا العاملين وتحفيزهم على الإنتاجية، مما ينعكس إيجاباً على أداء القطاعات الاقتصادية المختلفة.
ويُعد رفع الأجور وسيلة فعالة لتحسين رأس المال البشري من خلال تمكين الأفراد من الاستثمار في التعليم والصحة، وتحقيق التنمية الاقتصادية والاجتماعية على المدى الطويل.ومع ذلك، فإن لرفع الحد الأدنى للأجور آثاراً سلبية محتملة تحتاج إلى إدارة دقيقة؛ فقد يؤدي القرار إلى زيادة تكاليف التشغيل، خاصة في القطاعات الصغيرة والمتوسطة التي تعتمد بشكل كبير على العمالة منخفضة الأجر،أي يمكن أن تتسبب هذه التكاليف الإضافية في تقليص فرص العمل أو رفع أسعار المنتجات والخدمات، والوصول إلى ضغوط تضخم. كما تواجه القطاعات التصديرية تحديات تنافسية نتيجة ارتفاع تكاليف الإنتاج، وهو ما قد يؤثر على قدرتها على الحفاظ على حصتها في الأسواق الخارجية.
في ظل هذه التحديات، توصي الدراسة برفع الحد الأدنى للأجور إلى 300 دينار كخطوة لتعويض تآكل القوة الشرائية، مع ربط أية زيادات مستقبلية بمؤشرات التضخم والإنتاجية معاً لضمان استدامة القرار. كذلك، يتطلب الأمر تقديم دعم حكومي موجه للشركات الصغيرة والمتوسطة للتكيف مع التكاليف الإضافية، إلى جانب أهمية الدور الحكومي في تعزيز رأس المال البشري من خلال تبني سياسات وبرامج موجهة لتحسين التعليم والتدريب المهني، وتطوير المهارات لدعم القدرة التنافسية للاقتصاد الأردني،كما تؤكد الدراسة أهمية اعتماد زيادات تدريجية ومراجعات دورية للحد الأدنى للأجور، بما يوازن بين تحسين مستوى معيشة العمال وضمان استقرار القطاعات الاقتصادية.
وتوصي الدراسة أيضاً بتعزيز خدمات النقل العام ميسورة التكلفة لتقليل الأعباء المعيشية عن العمال، وتوفير التأمين الصحي الشامل لتخفيف الضغوط المالية، وتحسين استقرارهم الاجتماعي. هذه السياسات المقترحة تهدف إلى تعويض الأثر الناتج عن انخفاض القوة الشرائية للحد الأدنى للأجور، وتقليل معدلات الفقر، وتعزيز العدالة الاجتماعية، مع تحسين إنتاجية العمال واستدامة دوران عجلة الاقتصاد.